ذكر السيد سليمان الندوي في ذلك فقال: إن
نهاية إمارة معاوية رضي الله عنه كانت آخر أيام عائشة رضي الله عنها، وكانت قد
بلغت من العمر سبعا وستين سنة، ومرضت في شهر رمضان المبارك سنة ثمان وخمسين من
الهجرة، فإذا سئلت كيف أصبحت قالت: صالحة الحمد لله، كل من يعودها يبشرها فترد
عليه قائلة: يا ليتني كنت حجرا، يا ليتني كنت مدرة.
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن عبد الله بن
عبيد الله بن أبي مليكة أنه حدثه ذكوان حاجب عائشة أنه جاء يستأذن على عائشة قال: فجئت
وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقلت: هذا عبد الله بن عباس يستأذن
عليك، فأكب عليها ابن أخيها، فقال: هذا ابن عباس يستأذن عليك وهي تموت، فقالت: دعني
من ابن عباس، فإنه لا حاجة لي به ولا بتزكيته، فقال: يا أمتاه، إن ابن عباس من
صالحي بنيك يسّلم عليك ويودعك، قالت: فأذنْ له إن شئت فأدخلته.
فلما أن سلم وجلس قال: أبشري، قالت: بما؟
قال: ما بينك وبين أن تلقي محمدا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من
الجسد، كنت أحب نساء رسول الله إلى رسول الله، ولم يكن رسول الله يحب إلا طيبا،
وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله ليطلبها حين يصبح في المنزل، فأصبح
الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله أن تيمموا صعيدا طيبا، فكان ذلك من سببك، وما أذن
الله لهذه الأمة من الرخصة فأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات جاء بها الروح
الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله يذكر فيه إلا هي تتلى فيه آناء الليل
والنهار. فقالت: دعني منك يابن عباس، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا.
وجاء في رواية الطيالسي: سمعت أم سلمة
الصرخة على عائشة فأرسلت جاريتها: انظري ماذا صنعت؟ فجاءت فقالت: قد قضت، فقالت: يرحمها
الله، والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا أباها.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه والي المدينة
بالنيابة فصلى على عائشة رضي الله عنها.
يقول مسروق (التابعي الجليل): لولا بعض
الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين.
سئل رجل من أهل المدينة: كيف كان وجد الناس
على عائشة؟ فقال: كان فيهم وكان، قال: أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه.
متى توفيت؟
أخرج ابن عبد البر أن عائشة رضي الله عنها
توفيت سنة سبع وخمسين، وقال خليفة بن خياط: وقد قيل إنها توفيت سنة ثمان وخمسين،
ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر
بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير،
والقاسم بن محمد، وعبد الله ابن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
بكر.
أين دفنت؟
دفنت رضي الله عنها بالبقيع.
ـــــــــــــــــ
مراجع البحث:
- أسد الغابة. - الإصابة.
- صحيح البخاري. - صحيح مسلم.
- مسند الإمام أحمد. - تهذيب الكمال.
- سنن الترمذي. - طبقات ابن سعد.
- سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين ضي الله عنها: السيد سليمان الندوي.
- أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ: إبراهيم علي شعوط.
0 commentaires:
إرسال تعليق