الكرم والسخاء والزهد:
أخرج بن سعد من طريق أم درة قالت: أتيت
عائشة بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن
تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.
العلم الغزير:
فقد كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض
وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة من أفقه الناس وأحسن الناس رأيا في العامة
وقال عروة: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب
ولا بشعر من عائشة ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلا وعلو
مجد فإنها نزل فيها من القرآن ما يتلى إلى يوم القيامة
وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا
روى عنها عمر بن الخطاب قال: أدنوا الخيل وانتضلوا وانتعلوا وإياكم وأخلاق الأعاجم
وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة تدخل الحمام إلا
بمئزر إلا من سقم فإن عائشة حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على
فراشي: " أيما امرأة مؤمنة وضعت خمارها على غير بيتها هتكت الحجاب بينها وبين
ربها عز وجل.
وذكر ابن عبد البر عن عبد الرحمن ابن أبي
الزناد عن أبيه قال: ما رأيت أحدا أروى لشعر من عروة، فقيل له: ما أرواك يا أبا
عبد الله؟ قال: وما روايتي من رواية عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه
شعرا.
وفي مكانتها العلمية يقول السيد سليمان الندوي:
{لم تكن مكانتها العلمية وتفوقها العلمي أرفع وأسمى من عامة النساء فحسب،
بل لا نحسبها قصرت عن شأو واحد من معاصريها بين الرجال والنساء على السواء في سعة
الفهم وقدرة التحصيل والذكاء المتوقد والبديهة الواعية، باستثناء عدد من كبار
الصحابة فقط.
ولا يقصر علمها على وعي الكلمات والعبارات،
قال أبوموسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلاوجدنا عندها منه علما.
وقال عطاء بن أبي رباح والذي قد نال شرف
التتلمذ على يد عديد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت عائشة
أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة".
وقال التابعي الجليل أبوسلمة بن عبد الرحمن
بن عوف: "ما رأيت أحدا أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أفقه في
رأي إن احتيج إليه، ولا أعلم بآية فيما نزلت ولافريضة من عائشة".
وذات مرة قال معاوية: يا زياد أي الناس
أعلم؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين، قال: أعزم عليك، قال: "أما إذا عزمت علي
فعائشة".
وقال عروة بن الزبير بن العوام حواري رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر
والطب من عائشة أم المؤمنين.
وفي رواية أخرى: "ما رأيت أحدا أعلم
بالقرآن ولا بفريضة ولا بحرام ولا بحلال ولابفقه ولا بشعر ولا بطب ولا بحديث العرب
ولا نسب من عائشة".
لقد كان غيها من أمهات المؤمنين كذلك يقمن
بواجب حفظ السنة وإشاعتها وتبليغها إلا أن المكانة التي وصلت إليها عائشة رضي الله
عنها لم يصل إليها أحد غيرها، يقول محمود بن لبيد: "كان أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم يحفظن من حديث النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، ولا مثلا لعائشة وأم
سلمة".
وقال محمد بن شهاب الزهري: "لو جمع
علم الناس كلهم ثم علم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكانت عائشة أوسعهم علما"}.ا.هـ.
تلك العظيمة التي أثارت بذكائها وغزارة
علمها وفقهها وسمو أخلاقها إعجاب السلف والخلف، فعلموا يقينًا لماذا تبوأت تلك
المكانة الكبيرة عند رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ذات مكانة خاصة:
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري
رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَمُل من الرجال
كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على
النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أنها
قالت: إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البخاري عن هشام عن أبيه قال: كان
الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن:
يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما
تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه
حيث ما كان أو حيث ما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت:
فأعرض عني، فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال:
يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه - والله - ما نزل عليّ الوحي وأنا في
لحاف امرأة منكن غيرها.
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي
سلمة أنه قال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوما: يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله
وبركاته، ترى ما لا أرى - تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البخاري عن هشام عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله صلى
الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما
أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد
بن حضير: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا
وجعل للمسلمين فيه بركة.
وروى مسلم عن هشام أيضا عن أبيه عن عائشة
أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول: أين أنا
اليوم أين أنا غدا استبطاء ليوم عائشة، قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري
ونحري. وفي رواية البخاري: فلما كان يومي سكن.
وعن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: يا رسول الله، أي الناس
أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها.
وأخرج الترمذي عن عمرو بن غالب أن رجلا نال
من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر، فقال: اعزب مقبوحا منبوحا، أتؤذي حبيبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وتروي هي عن نفسها فتقول رضي الله عنها كما
ذكر ابن حجر في الإصابة: أعطيت خلالا ما أعطيتها امرأة: ملكني رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأنا بنت سبع، وأتاه الملك بصورتي في كفه لينظر إليها، وبنى بي لتسع،
ورأيت جبرائيل، وكنت أحب نسائه إليه، ومرضته فقبض ولم يشهده غيري.
وذكر ابن عبد البر عن أبي عمر أنه قال: لم ينكح صلى الله عليه وسلم بكرا
غيرها، واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكنية فقال لها: اكتنى بابنك
عبد الله بن الزبير - يعني ابن أختها. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول: حدثتني
الصادقة ابنة الصديق، البريئة المبرأة بكذا وكذا، ذكره الشعبي عن مسروق.
0 commentaires:
إرسال تعليق