أخي المصلي اعلم أنه كلما شرف المكان
وطاب كلما كان أولى أن يُشرف ويحترم, ولما كان الطيب والبخور من علامات
الإكرام والتشريف كان حريّا أن نجدها في أماكن العبادة فهي أولى بالشذا,
وأحرى بالندى, وكيف لا, والمسلم مأمور بأن يأخذ زينته عند كل مسجد (( يا بني
آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد )) (الأعراف 31)
فالمساجد أماكن عامة, تؤدى فيها أعظم عبادة, فهي بحاجة إلى كل عناية ورعاية, لتؤدي النفس عبادتها وهي مقبلة بخشوع وطمأنينة.
أرأيت آكل الثوم والبصل لما آذى المصلين برائحته أمره الشارع بالخروج من المسجد تعزيراً له.
إذاً طلب الرائحة الطيبة للمسجد مطلب رفيع. وغاية مقصودة في دين الإسلام. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمر رسول صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور, وأن تنظف وتطيب) رواه الخمسة إلا النسائي ورجا له ثقات. والدور: هي الأحياء.
وعند ابن ماجة (واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمّروها في الجُمع) المطاهر: محال الوضوء. والتجمير: هو التبخر لها.
و تطييب المساجد عام لكل أحد من إمام ومؤذن وغيرهما, وإن أُوكل الأمر لأحد كان أفضل وأكمل. والتطيب يكون بعود البخور أو الندى وغيرهما مما هو مستحسن عُرفا, وسواء كان مما يتبخر به أو يرش رشاً أو غيرهما فالمقصود هو جلب الرائحة الزكية. وهذه الخصلة غابت عن الكثير من المصلين, وبعض الأئمة والمؤذنين. مع أنها قربة وعبادة وطاعة وامتثال.
ويتأكد تطييب المساجد يوم الجمعة لنا سبق, ولأن عمررضي الله عنه كان يطيب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كل جمعة قبل الصلاة. كما أن عبد الله بن الزبيررضي الله عنه كان يبخر الكعبة في كل يوم ويضاعف الطيب يوم الجمعة.
وسار على هذه السنة السلف والخلف حتى أن معاوية رضي الله عنه أجرى وظيفة الطيب للكعبة عند كل صلاة, وقالت عائشة رضي الله عنها (لأن أطيب الكعبة أحب إلي من أن أُهدي لها ذهبا وفضة). هكذا كانت المساجد الإسلامية محل عناية ورعاية وتطهير وتطييب. حتى اختلت الموازين وتقلبت المفاهيم فنتج عنه قلة الوعي بأحكام المساجد عند كثير من المصلين.
0 commentaires:
إرسال تعليق