Video

ضع بريدك الالكتروني

مدعوم منFeedBurner

قران يتلى اناء الليل واطراف النهار

طريق التوبة في الهاتف النقال

الجمعة، 4 يوليو 2014

خطبة الجمعة / خُلُق العفو وكظم الغيظ

خطبة الجمعة / خُلُق العفو وكظم الغيظ
 
الحمد لله حمدا كثيرا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالعفو وكظم الغيظ فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ () وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأعراف: 199، 200]. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، امتثل أمر ربه فكان حليما غفورا، لا يرد السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد:
عباد الله: مازلنا مع أخلاق نبينا وشمائله الطيبة المباركة، ونقف اليوم مع خلق ما أحوجنا إليه اليوم، إنه خلق كظم الغيظ والعفو عن الناس والسماح لهم فيما يرتكبوه في حقنا من أخطاء ونزوات.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان ابن عيينة عن أمه قال: لما أنزل الله، عز وجل، على نبيه صلى الله عليه وسلم: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا يا جبريل؟" قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك". وكذلك كان بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. فعن أنس - رضي الله عنه - ، قَالَ : كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً ، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ . فَالتَفَتَ إِلَيْهِ ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي غزة حنين أفاء الله على المسلمين مالا كثيرا، فتألف عليه السلام به بعض الأعراب حديثي العهد بالإسلام ، فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ؛ قَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ إِنَّ هذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ . فَقال عبد الله بن مسعود: " وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هذَا فَصَبَرَ" البخاري ومسلم
عباد الله إن العفو والصفح وصيةُ الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم وهي تعم جميع أمته . ولقد اقتدى الصحابة بنيهم في الأخذ. روى البخاري في باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس قال: « قَدِمَ عُيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر ، فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس بن حصن ، وكان من النفر الذين يُدْنيهم عمر ، وكان القُرَّاءُ أصحابَ مَجْلِسِ عمر ومَشُورَتِه ، كُهُولا كانوا أو شُبَّابا. فقال عيينة لابن أخيه : يا ابنَ أخي ، هل لك وَجْه عند هذا الأمير ، فَتَسْتأْذِنَ [لي] عليه ؟ قال : سأسْتَأْذِنُ لك عليه ، قال ابن عباس :فاسْتَأْذن [ الحُرُّ] لِعُيَيْنَةَ، فلما دخل قال : هي يا ابن الخطاب (لم يخاطب بصفته أمير المؤمنين)، والله ما تُعطِينا الجَزل (أي العطاء الكثير) ، وما تَحْكُم بيْنَنَا بالعَدْلِ ، فغضب عمر حتى همَّ بأن يُوقِعَ به ، فقال الحُرُّ : يا أميرَ المؤمنين ، إِن الله تعالى قال لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم- : {خُذِ العَفْوَ وأمُرْ بِالْعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] ، وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر - رضي الله عنه - حين قرأها عليه ، وكان وقّافا عند كتاب الله تعالى ». قال ابن حجر: " ومعنى ما جاوزها ما عمل بغير ما دلت عليه بل عمل بمقتضاها ولذلك قال وكان وقافا عند كتاب الله أي يعمل بما فيه ولا يتجاوزه وفي هذا تقوية لما ذهب إليه الأكثر ان هذه الآية محكمة"
نزغات الشيطان والغضب المانع من كظم الغيظ :
مما يعين على الصفح والعفو أن يحذر المسلم من نزغات الشيطان، ولذلك قال الله عز وجل بعد الأمر بالعفو: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله }، والنزغ حركة فيها فساد ، وقلَّما تستعمل إلا في فعل الشيطان. والشيطان هو الذي يزين لنا الغضب والانتصار للنفس. روي في الصحيح عن سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمد، وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ. وَأَحَدَهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا، قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا، لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ. لَوْ قَالَ: أَعُوذ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم».
وروى الترمذي عن سهل بن معاذ بن أَنس الجهني : عن أبيه : أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : « مَن كظم غيظا - وهو يستطيع أن يُنفِّذه - دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيِّرَه من أي الحُور شاء ».
خطبة 2 :
قال الطبري بعد ايراد أقوال العلماء في قوله تعالى " خذ العفو" وقول من قال انها منسوخة بآية القتال: " الأولى بالصواب انها غير منسوخة لأن الله اتبع ذلك تعليمه نبيه محاجة المشركين ولا دلالة على النسخ فكأنها نزلت لتعريف النبي صلى الله عليه و سلم عشرة من لم يؤمر بقتاله من المشركين، أو أريد به تعليم المسلمين وأمرهم بأخذ العفو من أخلاقهم فيكون تعليما من الله لخلقه صفة عشرة بعضهم بعضا... ".
-فما أحوجنا عباد الله إلى كظم الغيظ مع زوجاتنا وأبنائنا، فبكظم الغيظ نحفظ أسرنا ونبنيها على تقوى من الله ورضوان، وبالغضب والانفعال نهدمها ونسعى في خرابها.
فقوله سبحانه " خذ العفو" أمر بأن نأخذ العفو وهو ما سهل وتيسر من أفعال الناس وأخلاقهم من غير كلفة. والمعنى أن: " نقبل من الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفواً دون تكلف ، فالعفو هنا الفضل والصفو الذي تهيأ دون تحرج "، ويتأكد الأمر في حق الأبناء والزوجة أو الزوج فقد قال الله لنبيه " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين" بل الواجب أن نيسر وألا ننفر، كما قال عليه السلام: بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا" .
- وما أحوجنا إلى كظم الغيظ مع العمال أو مع من يساعدونا في العمل كالأجراء وغيرهم، روى الترمذي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : « جاء رجل إِلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : يا رسولَ الله ، كم أعْفو عن الخادم؟ فَصَمَت عنه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم قال : يا رسولَ الله ، كم أعْفو عن الخادم ؟ فقال : اعْف عنه كلَّ يوم سبعين مرة ». أخرجه الترمذي.
- ما أحوجنا إلى كظم الغيظ في مساجدنا، وأن نكون لينين هينين، لا نرد الإساءة بمثلها، ونقبل النصيحة من بعضنا البعض.
- ما أحوجنا إلى كظم الغيظ في طرقاتنا، فكثير ما نتعرض للاستفزاز في الطريق، فنجد مثلا من يتعدى على حقنا في الأسبقية، أو من يتجاوز في مكان يمنع فيه التجاوز... فلنكن حلماء صبورين ، ولنتذكر ما قاله عليه السلام بعدما سمعه من الأذى: "رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر"
- ما أحوجنا لكظم الغيظ وللصبر في علاقتنا الاجتماعية خاصة مع الأقارب والعائلة. روى مسلم عن أَبي هريرة رضي الله تَعَالَى عنه: أنَّ رَجُلاً ، قَالَ : يَا رسول الله ، إنّ لي قَرَابةً أصِلُهم وَيَقْطَعُونِي ، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ ، وَأحْلُمُ عَنهم وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ! فَقَالَ : (( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ )) رواه مسلم . وهذا هو الصفح الجميل الذي أمر به الله عز وجل في قوله: { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } [ الحجر : 85 ]. ومن كان ينتظر عفو الله ومغفرته، فليعف عن خلق الله وخاصة أقاربِه: قال تَعَالَى : { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألاَ تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ } [ النور : 22 ] . ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في قصة أبي بكر الصديق ومسطح بن أثاثة ، وهو ابن خالته وكان من المهاجرين البدريين المساكين ، وكان أَبو بكر ينفق عليه لمسكنته ، فلما وقع أمر الإفك وقال فيه مسطح ما قال حلف أبو بكر ألا ينفق عليه ولا ينفعه بنافعة أبداً ، فجاءه مسطح فاعتذر وقال إنما كنت أغشى مجلس حسان فأسمع ولا أقول ، فقال له أبو بكر لقد ضحكت وشاركت فيما قيل ومر على يمينه ، فنزلت الآية، روي أن أبا بكر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية قال إني لأحب أن يغفر الله لي ورجع إلى مسطح النفقة والإحسان الذي كان يجري عليه ، قالت عائشة وكفر عن يمينه.
الداعية الخطيب الدكتور الحسن الموس
منقول للافادة
 

0 commentaires:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More