Video

ضع بريدك الالكتروني

مدعوم منFeedBurner

قران يتلى اناء الليل واطراف النهار

طريق التوبة في الهاتف النقال
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ابن القيم الجوزية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ابن القيم الجوزية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏}

قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة ـ رحمه الله ـ في : زاد المعاد ( 4 / 362 ـ 364 ) : 


(ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه، وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏ }‏ ‏[‏الروم‏:‏ 41‏]‏، ونزّل هذه الآية على أحوال العالم، وطابق بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان، وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة، بعضها آخذ برقاب بعض، وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم‏.‏ ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكثر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم‏.‏ وقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها هذا كان ينبت أيام العدل‏.‏ وهذه القصة، ذكرها في مسنده ، على أثر حديث رواه‏.‏ وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكمًا قسطًا، وقضاء عدلًا، وقد أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذا بقوله في الطاعون ‏(‏إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل‏)‏‏.‏ وكذلك سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام، ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام، وفي نظيرها عظة وعبرة‏.‏ وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه، فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سببًا لمنع الغيث من السماء، والقحط والجدب، ..وجعل ظلم المساكين، والبخس في المكاييل والموازين، وتعدي القوي على الضعيف سببًا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا، ولا يعطفون إن استعطفوا، وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم، فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها، فتارة بقحط وجدب، وتارة بعدو، وتارة بولاة جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموم تحضرها نفوسهم لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزًا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يسيّر بصيرته بين أقطار العالم، فيشاهده، وينظر مواقع عدل الله وحكمته، وحينئذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله بالغ أمره، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وبالله التوفيق ‏)

الخميس، 2 يونيو 2011

نظرة إلى سورة الفاتحة

نظرة إلى سورة الفاتحة

للإنسان قوتان‏:‏ قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية، وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه‏:‏ العلمية والإرادية، واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره، وبارئه، ومعرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة الطريق الذي توصل إليه، ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها، فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية، وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها‏.‏
واستكمال القوة العلمية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد والقيام بها إخلاصاً وصدقاً ونصحاً وإحساناً ومتابعة وشهوداً لمنته عليه، وتقصيره هو في أداء حقه، فهو مستحي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون ذلك، وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته فهو يهديه الصراط إما المستقيم الذي هدي إليه أولياؤه وخاصته، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما قوته العملية فيوجب له الغضب‏.‏
فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمنتها سورة الفاتحة و انتظمتها أكمل انتظام فإن قوله‏:‏ ‏ «‏الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين» ‏ يتضمن الأصل الأول وهو معرفة الرب تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي‏:‏ اسم الله والرب والرحمن‏.‏
فاسم الله متضمن الصفات الألوهية، واسم الرب متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر‏.‏ ومعاني أسمائه تدور على هذا‏.‏ وقوله‏:‏ ‏ «‏إياك نعبد وإياك نستعين» ‏ يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه، واستعانته على عبادته‏.‏
وقوله‏:‏ ‏ «‏اهدنا الصراط المستقيم» ‏ يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته‏.‏
وقوله‏:‏ ‏ «‏غير المغضوب عليهم ولا الضالين» ‏ يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطريق الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل‏.‏
فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة‏.‏
وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة‏.‏ فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته‏.‏ والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته، فلا يكون إلا رحيماً منعماً وذلك من موجبات إلهيته فهو الإله الحق وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون‏.‏
فمن تحقق بمعاني الفاتحة علماً ومعرفة وعملاً وحالاً فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين، والله المستعان‏.‏

الفوائد : الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية

الخميس، 19 مايو 2011

مقتبسات من كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية : الصفات الأربعة لأهل الجنة

الصفات الأربعة لأهل الجنة

ثم أخبر عن تقريب الجنة من المتقين، وأن أهلها هم الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع‏:‏
«الأولى‏‏ أن يكون أواباً أي رجَّاعاً إلى الله من معصيته إلى طاعته ،ومن الغفلة عنه إلى ذكره‏.‏
قال عبيد بن عمير‏:‏ الأواب‏:‏ الذي يتذكر ذنوبه ثم يستغفر منها، وقال مجاهد‏:‏ هو الذي إذا ذكر ذنبه استغفر منه‏.‏ وقال سعيد بن المسيب ‏:‏ هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب‏.‏
«الثانية‏‏ أن يكون حفيظاً‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ لما ائتمنه الله عليه وافترضه‏.‏ وقال قتادة ‏‏‏:‏ حافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته‏.‏
ولما كانت النفس لها قوتان‏:‏ قوة الطلب وقوة الإمساك، كان الأواب مستعملاً لقوة الطلب في رجوعه إلى الله ومرضاته وطاعته، والحفيظ مستعملاً لقوة الحفظ في الإمساك عن معاصيه ونواهيه، فالحفيظ‏:‏ الممسك نفسه عما حرم عليه، والأواب‏:‏ المقبل على الله بطاعته‏.‏
«الثالثة‏‏ قوله‏:‏ ‏ «‏من خشي الرحمن بالغيب» ‏ ‏‏الآية‏:‏ 33 من سورة ق، يتضمن الإقرار بوجوده وربوبيته وقدرته،وعلمه واطلاعه على تفاصيل أحوال العبد، ويتضمن الإقرار بكتبه ورسله وأمره ونهيه، ويتضمن الإقرار بوعده ووعيده ولقائه، فلا تصح خشية الرحمن بالغيب إلا بعد هذا كله‏.‏
«الرابعة‏‏ قوله‏:‏ ‏ «‏وجاء بقلب منيب» ‏ ‏‏الآية‏:‏ 33 من سورة ق، قال ابن عباس‏:‏ راجع عن معاصي الله مقبل على طاعة الله‏.‏ وحقيقة الإنابة‏:‏ عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه‏.‏
ثم ذكر سبحانه جزاء من قامت به هذه الأوصاف بقوله‏:‏ ‏ «‏ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ‏.‏ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد» ‏ ‏الآيتان‏:‏ 34، 35 من سورة ق ثم خوَّفهم بأن يصيبهم من الهلاك ما أصاب من قبلهم، وأنهم كانوا أشد منهم بطشاً، ولم يدفع عنهم الهلاكَ بطشُهم، وأنهم عند الهلاك تقلبوا وطافوا في البلاد، وهل يجدون محيصاً ومنجى من عذاب الله‏؟‏‏!‏
قال قتادة‏:‏ حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركا، وقال الزجاج ‏ « ‏الزجاج هو‏:‏ إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، عالم بالنحو اللغة، ولد ومات ببغداد، توفي سنة ‏311هـ - 923م‏‏‏. » ‏ طوفوا وفتشوا فلم يروا محيصاً من الموت‏.‏
وحقيقة ذلك‏:‏ أنهم طلبوا المهرب من الموت فلم يجدوه‏.‏
ثم أخبر سبحانه أن في هذا الذي ذكر ‏ «‏لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد» ‏ ‏‏الآية‏:‏ 37 من سورة ق

ثم أخبر أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ولم يمسه من تعب ولا إعياء، تكذيباً لأعدائه من اليهود حيث قالوا‏:‏ إنه استراح في اليوم السابع‏.‏
ثم أمر نبيه بالتأسي به سبحانه في الصبر على ما يقول أعداؤه فيه كما أنه سبحانه صبر على قول اليهود‏:‏ أنه استراح، ولا أحد أصبر على أذى يسمعه منه، ثم أمره بما يستعين به على الصبر، وهو التسبيح بحمد ربه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وبالليل وأدبار السجود، فقيل‏:‏ هو الوتر، وقيل‏:‏ الركعتان بعد المغرب، والأول‏:‏ قول ابن عباس، وعن ابن عباس رواية ثالثة‏:‏ أنه التسبيح باللسان أدبار الصلوات المكتوبات‏.‏
ثم ختم السورة بذكر المعاد ونداء المنادي برجوع الأرواح إلى أجسادها للحشر، وأخبر أن هذا النداء من مكان قريب يسمعه كل أحد‏:‏ ‏ «‏يوم يسمعون الصيحة بالحق» ‏ ‏‏الآية‏:‏ 42 من سورة ق، بالبعث ولقاء الله، يوم تشقق الأرض عنهم كما تشقق عن النبات فيخرجون سراعاً من غير مهلة ولا بطء، ذلك حشر يسير عليه سبحانه‏.‏
ثم أخبر سبحانه أنه عالم بما يقول أعداؤه، وذلك يتضمن مجازاته لهم بقولهم إذ لم يخف عليه‏.‏
وهو سبحانه يذكر علمه وقدرته لتحقيق الجزاء، ثم أخبره أنه ليس بمسلط عليهم ولا قهار، ولم يبعث ليجبرهم على الإسلام ويكرههم عليه، وأمره أن يذكر بكلامه من يخاف وعيده، فهو الذي ينتفع بالتذكير، وأما من لا يؤمن بلقائه ولا يخاف وعيده ولا يرجو ثوابه فلا ينتفع بالتذكير‏.‏


الفوائد الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More