المذهب المالكي عبارة عما أصله الإمام مالك بن أنس من أصول مجتهدا في اعتمادها، وما درج عليه أصحابه ومتبعوه، ولو خالفوه في الفروع المبنية على تلك الأصول، إذ الإعتبار أن يدور اجتهادهم مقيدا بأصول الإمام مالك
لقد مر المذهب المالكي بخمس مراحل: مرحلة التأسيس، ومرحلة التفريع، ومرحلة التطبيق، ثم مرحلة التنقيح والنقد(1)، ثم مرحلة الجمع والإختصار.
مرحلة التأسيس: هي مرحلة تأصيل قواعد هذا المذهب على يد صاحبه مالك بن أنس، الذي عمل على تمهيد الطريق لمن جاء بعده، وذلك بتأصيل الأصول وتقعيد القواعد، ورسم المنهج العام الذي سلكه أتباعه من بعده، فإشاراته إلى مآخذ الفقه وأصوله، هي التي اتخذها أهل الأصول من أصحابه معالم اهتدوا بها، وقواعد بنوا عليها.
وهكذا، فإن أصول المذهب استقرائية، تبعا لملاحظة تلامذة الإمام مالك وÂ طريقة اجتهاده، ولا سيما ما ورد في الموطأ من فتاوى وأحكام، وما كان ينقل عنه من أجوبة، فاستخلصوا من كل ذلك ما ينبني المذهب عليه. ذلك أن الإمام مالكا لم يحدد هذه الأصول بنفسه بالكيفية التي يذكرها الأصوليون.
وهكذا، فإن أصول المذهب استقرائية، تبعا لملاحظة تلامذة الإمام مالك وÂ طريقة اجتهاده، ولا سيما ما ورد في الموطأ من فتاوى وأحكام، وما كان ينقل عنه من أجوبة، فاستخلصوا من كل ذلك ما ينبني المذهب عليه. ذلك أن الإمام مالكا لم يحدد هذه الأصول بنفسه بالكيفية التي يذكرها الأصوليون.
مرحلة التفريع: ويقصد به بناء الفرع على أصله، واستنباط حكمه منه(2)، وذلك داخل المذهب.وهذه المرحلة هي التي ظهر فيها أتباع الإمام مالك وتلامذته، آخذين بمنهجه، ومؤسسين الإفتاء في الحوادث والوقائع بربطها بأصوله وقواعده.
تبتدئ هذه المرحلة من نهاية القرن الثاني الهجري وتستمر إلى منتصف القرن الثالث، وفيها توسع نفوذ المذهب، وامتد إلى جهات أخرى كالعراق ومصر وإفريقية والأندلس على يد تلاميذ الإمام مالك الذين تكونت بهم وعلى أيديهم المدرسة المالكية، وأصبح لها منظرون في المذهب، يفرعون المسائل الجزئية على ما أصله الإمام في الأحكام العملية، وبدأ التدوين على نطاق واسع.
وتعد المدونة الكبرى برواية سحنون عن عبد الرحمن بن القاسم النواة الأولى لمرحلة التفريع، ثم جاءت بعدها "الواضحة" لعبد الله بن حبيب في الأندلس، ثم العتبية والموازية ومختصر ابن عبد الحكم وغيرها... وهي التي تسمى بالأمهات، وستشهد هذه المرحلة اتساع المسائل، وكثرة التفريعات وبروز الاختلاف في الأقوال والطرق، وتقدير الوقائع، والربط بينها وبين الدلائل الإجمالية، الشيء الذي نشأت عنه مرحلة ثالثة بالضرورة وهي:
تبتدئ هذه المرحلة من نهاية القرن الثاني الهجري وتستمر إلى منتصف القرن الثالث، وفيها توسع نفوذ المذهب، وامتد إلى جهات أخرى كالعراق ومصر وإفريقية والأندلس على يد تلاميذ الإمام مالك الذين تكونت بهم وعلى أيديهم المدرسة المالكية، وأصبح لها منظرون في المذهب، يفرعون المسائل الجزئية على ما أصله الإمام في الأحكام العملية، وبدأ التدوين على نطاق واسع.
وتعد المدونة الكبرى برواية سحنون عن عبد الرحمن بن القاسم النواة الأولى لمرحلة التفريع، ثم جاءت بعدها "الواضحة" لعبد الله بن حبيب في الأندلس، ثم العتبية والموازية ومختصر ابن عبد الحكم وغيرها... وهي التي تسمى بالأمهات، وستشهد هذه المرحلة اتساع المسائل، وكثرة التفريعات وبروز الاختلاف في الأقوال والطرق، وتقدير الوقائع، والربط بينها وبين الدلائل الإجمالية، الشيء الذي نشأت عنه مرحلة ثالثة بالضرورة وهي:
مرحلة التطبيق: وهي مرحلة النظر فيما أنتجه دور التفريع الفقهي الذي سبق، والإجتهاد في تحقيق المناط في الوقائع المستجدة.
ومما يميز هذه المرحلة كونها اهتمت بدراسة المسائل التي ضمتها مدونات جامعة أنتجتها مرحلة التفريع.فانكب فقهاء هذا العصر على الموازنة بين مختلف تلك المسائل، رابطين الأصول بالفروع، ملحقين الشبيه بالشبيه، ضابطين مواقع الإتفاق والإختلاف بين تلك الأقوال المأثورة عن الفقهاء السابقين. وفي بعض الأحيان قد يجتهدون في المسائل التي ليس فيها حكم عن طريق القياس، وذلك بإدراج ذلك الحكم تحت الكليات المقررة، والقواعد التي ضبطت. وبذلك دخلوا في مرحلة الملاءمة بين ما هو منصوص، وبين ما يتطلبه الواقع الجديد. الأمر الذي أدى إلى بروز اختلافات بين المتأخرين والمتقدمين.
ويصور لنا الفاضل بن عاشور هذه المرحلة بقوله(3): "وظهرت في هذا الدور كتب التهاذيب التي هذبت بها الكتب القديمة، والمختصرات التي لخصت فيها، والشروح التي شرحت بها، ودقق في النظر في المسائل لأجل بيان الاتفاق والاختلاف، تقر صور النوازل والفتاوى التي تشتمل على الواقعات الحادثة، وعلى بيان ما يرى الفقهاء المتأخرون من رجال دور التطبيق من انطباق أو عدم انطباق لقول من الأقوال المأثورة من المصادر القديمة من دور التفريع على تلك الجزئية الخاصة. وهذا ما أكده أيضا ابن خلدون في مقدمته..
ومما يميز هذه المرحلة كونها اهتمت بدراسة المسائل التي ضمتها مدونات جامعة أنتجتها مرحلة التفريع.فانكب فقهاء هذا العصر على الموازنة بين مختلف تلك المسائل، رابطين الأصول بالفروع، ملحقين الشبيه بالشبيه، ضابطين مواقع الإتفاق والإختلاف بين تلك الأقوال المأثورة عن الفقهاء السابقين. وفي بعض الأحيان قد يجتهدون في المسائل التي ليس فيها حكم عن طريق القياس، وذلك بإدراج ذلك الحكم تحت الكليات المقررة، والقواعد التي ضبطت. وبذلك دخلوا في مرحلة الملاءمة بين ما هو منصوص، وبين ما يتطلبه الواقع الجديد. الأمر الذي أدى إلى بروز اختلافات بين المتأخرين والمتقدمين.
ويصور لنا الفاضل بن عاشور هذه المرحلة بقوله(3): "وظهرت في هذا الدور كتب التهاذيب التي هذبت بها الكتب القديمة، والمختصرات التي لخصت فيها، والشروح التي شرحت بها، ودقق في النظر في المسائل لأجل بيان الاتفاق والاختلاف، تقر صور النوازل والفتاوى التي تشتمل على الواقعات الحادثة، وعلى بيان ما يرى الفقهاء المتأخرون من رجال دور التطبيق من انطباق أو عدم انطباق لقول من الأقوال المأثورة من المصادر القديمة من دور التفريع على تلك الجزئية الخاصة. وهذا ما أكده أيضا ابن خلدون في مقدمته..
- مرحلة التنقيح: وهي مرحلة تنقيح أقوال المذهب، واعتبار الدليل الأقوى منها رواية ودراية. وأهم تطور يسجل في هذه المرحلة، ظهور حركة نقدية انصبت على أقوال المتقدمين، بقصد إخضاعها للنقد والتمحيص بطريقة مغايرة لما كان سائدا في السابق، فجاء في هذا بمنهج جديد في ميدان نقد الفقه.ومن أبرز الفقهاء الذين تزعموا هذا التيار اللخمي، الذي كان له تأثير واضح فيمن جاء بعده من أمثال المازري وابن بشير وابن رشد الجد وعياض وغيرهم ممن سلك مسلكه في طريقة نقد الفقه، فنقحوا ما أمكنهم تنقيحه من المسائل، وأولوا بعض الروايات حاكمين على صحة بعضها، وضعف البعض الآخر..
- مرحلة الجمع والاختصار: وهذه المرحلة جاءت بعد استقرار المناهج، والنظر في الفروع الفقهية تخريجا وتطبيقا وتنقيحا، وما قام به أعلام المذهب من اجتهادات. وهكذا ظهر مختصر بن شاس المسمى "الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة". ومختصر ابن الحاجب المسمى "بجامع الأمهات". وجاء بعده "مختصر الشيخ خليل" ..
وهكذا أصبح المتأخرون دائرين في فلك المتقدمين، عاكفين على ما انتهى إليهم من أقاويل من تقدمهم، لا يتعدون دائرة الشرح والإختصار..
وهكذا أصبح المتأخرون دائرين في فلك المتقدمين، عاكفين على ما انتهى إليهم من أقاويل من تقدمهم، لا يتعدون دائرة الشرح والإختصار..
الهوامش(1)- انظر تفصيل هذه المراحل في كتاب: مباحث في المذهب المالكي بالمغرب، د. عمر الجيدي، ص 47.
(2)- منار السالك إلى مذهب الإمام مالك، ص 66، لأحمد السباعي الرجراجي.
(3)-المحاضرات المغربيات، الفاضل ابن عاشور، ص 37 وما يليها.
(2)- منار السالك إلى مذهب الإمام مالك، ص 66، لأحمد السباعي الرجراجي.
(3)-المحاضرات المغربيات، الفاضل ابن عاشور، ص 37 وما يليها.
0 commentaires:
إرسال تعليق