محمد صلى الله عليه وسلم صادقا:
فهو أصدق من تكلم، كلامه حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادّا أو مازحا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وقال:" إنّ الصدق يهدي الى البر، وإن البرّ يهدي الى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا.." الحديث أخرجه البخاري 6094 ومسلم 2607 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
وأخبر
ان المؤمن قد يبخل وقد يجبن، لكنه لا يكذب أبدا، وحذر من الكذب في المزاح
لإضحاك القوم، فعاش عليه الصلاة والسلام والصدق حبيبه وصاحبه، ويكفيه صدقا
صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه الله على
الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفا ولم يزد حرفا، وبلّغ
الأمانة عن ربه بأتمّ البلاغ، فكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو
صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع
القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس،
في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده
وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، وفتاويه وقصصه، وقوله ونقله، وروايته
ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد
أقام لسانه وسدّد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي
لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف
ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي
يقول:" ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين" أخرجه أبو داود 4359 والنسائي 4067، وذلك لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟!
بل
هو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه
صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } الأحزاب8، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} التوبة، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ (21) } محمد.
فهو
صلى الله عليه وسلم صادق مع ربه، صادق مع نفسه، صادق مع الناس، صادق مع
أهله، صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلاً لكان محمداً صلى الله عليه
وسلم، وهل يُتعلم الصدق إلا منه بأبي هو وأم؟ وهل ينقل الصدق إلا عنه بنفسي
هو؟ فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله
بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالإصطفاء
والاجتباء والاختيار؟!
0 commentaires:
إرسال تعليق