التائب منكسر القلب غزير الدموع حي الوجدان قلق الأحشاء صادق العبارة جم المشاعر جياش الفؤاد حي الضمير خالي من العُجب فقير من الكبر ، التائب بين الرجاء والخوف ، في وجدانه لوعة وفي وجهه أسى وفي دمعه أسرار . التائب بين الإقبال و الإعراض مجرب ذاق العذاب في البعد عن الله وذاق النعيم حين اقترب من حب الله ، التائب له في كل واقعه عبرة فيجد للطاعة حلاوة ويجد للعبادة طلاوة ويجد للإيمان طعماً ويجد للإقبال لذة ، التائب يكتب من الدموع قصصاً من الآهات أبياتها ويؤلف من البكاء خطباً ، التائب قد نحل بدنه الصيام وأتعب قدمه القيام وحلف بالعزم على هجر المنام فبذل لله جسماً وروحاً وتاب إلى الله توبة نصوحا ، التائب الذل قد علاه والحزن قد وهاه يذم نفسه على هواه وبذلك صار عند الله ممدوحاً لأنه تاب إلى الله .
قال ابن القيم
فإن الذنوب تضر بالأبدان وأن ضررها بالقلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر وهل في الدنيا والمعاصي فما الذي أخرج الأبوين من الجنة؟ دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور الى دار الآلام والأحزان والمصائب وما الذي أخرج ابليس من ملكوت السموات وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وباطنه أقبح من صورته وبدله بالقرب بعدا وبالجمال قبحا وبالجنة نارا وبالإيمان كفرا.
قال الحسن البصري
إن النفس لأمارة بالسوء فإن عصتك في الطاعة فاعصها أنت عن المعصية !! ، ولا شيء أولى بأن تمسكه من نفسك ولا شيء أولى بأن تقيّده من لسانك ، ولا شيء أولى بأن لا تقبله من هواك وما الدّابة الجموح (هي التي تعاند صاحبها) بأحوج إلى اللجام أن تمسك من نفسك !!
أفتعصى الله وترجو رحمته
هاهوَ رجلُ كان له عبد يعملُ في مزرعته، فيقولُ هذا السيد لهذا العبد : ازرع هذه القطعةَ برا. وذهبَ وتركه، وكان هذا العبد لبيباً عاقلا، فما كان منه إلا أن زرعَ القطعة شعيراً بدل البر. ولم يأتي ذلك الرجل إلا بعد أن استوى وحان وقت حصاده. فجاء فإذا هي قد زُرعت شعيراً ، فما كان منه إلا أن قال : أنا قلت لك ازرعها بُرا ، لما زرعتها شعيرا ؟ قال رجوت من الشعيرِ أن ينتجَ بُرا ، قال يا أحمق أفترجو من الشعيرِ أن يُنتجَ برا؟ قال يا سيدي أفتعصي اللهَ وترجُ رحمتَه ، أفتعصي اللهَ وترجُ جنتَه. ذعر وخافَ واندهشَ وتذكرَ أنه إلى اللهِ قادم فقال تبتُ إلى الله وأبت إلى الله ، أنت حرٌ لوجه الله ... فكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل، ولا يظلمُ ربك أحدا.
اذكر حر النار
قال أبو عثمان التيمي : مرّ رجل من بني اسرائيل براهبة من أجمل النساء ، فافتتن بها ، فتلطف في الصعود إليها ( أي في صومعتها ) ، فراودها عن نفسها ، فأبت عليه وقالت : لا تغترّ بما ترى وليس وراءه شيء !! فأبى حتى غلبها على نفسها وحاول اغتصابها بالقوة !! وكان على جانبها مجمرة فيها جمر مشتعل !! فوضعت يدها فيها حتى أحترقت !! ، فقال لها بعد أن قضى حاجته منها : ما الذي دعاك إلى ما صنعت ؟!! فقالت له : إنك لمّا قهرتني على نفسي : خفت أن أشاركك في لذة الحرام !! ، فأشاركك في المعصية والعقوبة ، ففعلت ما رأيت !! فقال الرجل : والله لا أعصي الله أبدا !! وتاب مما كان عليه سبحان الله . فتذكروا يا أخواني شدة نار جهنم قبل المعصية وأسألوا أنفسكم قبل ارتكاب المعاصي هل لأجسامكم القدرة على تحمل النار إن كان لها القدرة فافعلوا المعاصي ولكن ليس لأحد القدرة على تحمل نار الدنيا فما بالك بنار جهنم التي هي ضعف نار الدنيا بسبعين مرة .. فأتقوا الله
مراقبة الله
0 commentaires:
إرسال تعليق