لا بد من الابتلاء
وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة كالمكره على الكفر كما هو مبسوط في غير هذا الموضع ، إذ المقصود هنا : أنه لا بد من الابتلاء بما يؤذي الناس ، فلا خلاص لأحد مما يؤذيه ألبتة ؛ ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع أنه لا بد أن يبتلي الناس ، والابتلاء يكون بالسراء والضراء ، ولا بد أن يبتلي الإنسان بما يسره وما يسوءه ، فهو محتاج إلى أن يكون صابراً شكوراً ، قال تعالى : «إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً » سورة الكهف : الآية 7، وقال تعالى : « و بلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون » ، وقال تعالى : «فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى » طه : 123-124، وقال تعالى : «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين» آل عمران : 142.
هذا في آل عمران . وقد قال قبل ذلك في البقرة _ فإن البقرة نزلت أكثرها قبل آل عمران _: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب» سورة البقرة : الآية 214، وذلك أن النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء ، كالذهب الذي لا يخلص جيده من رديئه حتى يفتن في كبير الامتحان إذا كانت النفس ظالمة وهي منشأ شر يحصل للعبد ، فلا يحصل له شر إلا منها ، قال تعالى: « وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك» النساء : 79، وقال تعالى : « أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم » آل عمران : 165، وقال : « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير » الشورى : 30 ، وقال : «ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» الأنفال : 53 ، « وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال » الرعد : 11 .
وقد ذكر عقوبات الأمم من آدم إلى آخر وقت ، وفي كل ذلك يقول إنهم ظلموا أنفسهم فهم الظالمون لا المظلومون ، وأول من اعترف بذلك أبواهم ، «قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين » سورة الأعراف : الآية 23وقال لإبليس : « لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين » ، وإبليس إنما اتبعه الغواة منهم كما قال : « فبما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين » ، وقال تعالى « إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين » ، والغي إتباع هوى النفس ، وما زال السلف معترفين بذلك كقول أبي بكر وعمر وابن مسعود : أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه .
وفي الحديث الإلهي حديث أبي ذر الذي يرويه الرسول عن ربه عز وجل: « يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه »
هذا في آل عمران . وقد قال قبل ذلك في البقرة _ فإن البقرة نزلت أكثرها قبل آل عمران _: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب» سورة البقرة : الآية 214، وذلك أن النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء ، كالذهب الذي لا يخلص جيده من رديئه حتى يفتن في كبير الامتحان إذا كانت النفس ظالمة وهي منشأ شر يحصل للعبد ، فلا يحصل له شر إلا منها ، قال تعالى: « وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك» النساء : 79، وقال تعالى : « أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم » آل عمران : 165، وقال : « وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير » الشورى : 30 ، وقال : «ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» الأنفال : 53 ، « وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال » الرعد : 11 .
وقد ذكر عقوبات الأمم من آدم إلى آخر وقت ، وفي كل ذلك يقول إنهم ظلموا أنفسهم فهم الظالمون لا المظلومون ، وأول من اعترف بذلك أبواهم ، «قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين » سورة الأعراف : الآية 23وقال لإبليس : « لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين » ، وإبليس إنما اتبعه الغواة منهم كما قال : « فبما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين » ، وقال تعالى « إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين » ، والغي إتباع هوى النفس ، وما زال السلف معترفين بذلك كقول أبي بكر وعمر وابن مسعود : أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه .
وفي الحديث الإلهي حديث أبي ذر الذي يرويه الرسول عن ربه عز وجل: « يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه »
الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية