الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
في هذه الأيام يتردد على أسماعنا الحديث عن الشتاء، بل ونحسه
ونستشعره استشعاراً، فنشتاق إلى لياليه، وننتظر أيامه. وقد نكون الآن ممن
يعيشه. ولذا لنا مع هذا الفصل وقفات لعلَّ الله عز وجل يفتح لها القلوب:
الوقفة الأولى: تأمل وتفكر
إن أحسن ما أتفقت فيه الأنفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه،
والانتقال منها إلى تعلق القلب والهمّة به دون شيء من مخلوقاته. وكم لله من
آياته في كل ما يقع الحس عليه، ويبصره العباد، وما لا يبصرونه، تفنى
الأعمار دون الإحاطة بها وبجميع تفاصيلها. لكن تأمل معي هذه الحكمة البالغة
في الحر والبرد، وقيام الحيوان والنبات عليهما. وفكر في دخول أحدهما على
الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته. ولو دخل عليه مفاجأة لأضرَّ ذلك
بالأبدان وأهلكها، وبالنبات، كما خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة إلى مكان
مفرط البرودة، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان لما كان ذلك، فهل من
متأمل ومتفكر؟!
الوقفة الثانية: آيات الله في الشتاء
1 - الصواعق: قال تعالى:
وَيُرسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُم يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ [الرعد:13]. وقد جاء في سبب نزولها أن رجلاً من عظماء الجاهلية جادل في الله تعالى فقال لرسول الله
: ( أيش ربك الذي تدعوني إليه؟ من حديد هو؟ من نحاس هو؟ من فضة هو؟ من ذهب هو؟ فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه وأحرقته ).