Video

ضع بريدك الالكتروني

مدعوم منFeedBurner

قران يتلى اناء الليل واطراف النهار

طريق التوبة في الهاتف النقال

الأربعاء، 1 فبراير 2012

حب النبي بين الاتباع والابتداع


كلامنا الليلة بحول الله عز وجل عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما،
وليس معنى ذلك أننا نحتفل بما يسمونه عيدا للمولد وإنما نريد إ ن شاء الله عز وجل ونرجو ونحاول أن نقول كلمة الحق وكلمة الوسط  بناء على كتاب الله وسنة رسول الله عليه  الصلاة والسلام،  فما كان لنا أن نقول ببدع المبتدعين، وما كان لنا أيضا أن نقول بتعنت المتعنتين وبتشدد المتشددين، وإنما الدين وسط  "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" عليه الصلاة والسلام.
       وأحب ههنا أن أذكر أن الاحتفال بميلاد النبي عليه الصلاة والسلام بالتاريخ المذكور ( الثاني عشر من ربيع الأول)، أولا من الناحية التاريخية ليس أمرا مقطوعا به إنما هو مظنون لا أقل ولا أكثر، بل الثابت أنه عليه الصلاة والسلام  توفي في هذا اليوم، وللتاريخ، ليس معنى ذلك أننا سننقص من قيمة رسول الله، حاشى ولا من حبه وحب آله عليهم الصلاة والسلام ، ولكن نرجو أن نسير إلى المنهج العدل الوسط في ذلك لا إفراط ولا تفريط، لا غلو، لا في هذا الاتجاه ولا في الاتجاه المعاكس، وسأبين بالأحاديث الصحيحة بحول الله عز وجل المنهج الوسط فيما يتعلق بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وفيما يتعلق باتباع سنته والاحتفال بخلقه وبمنهجه (الاحتفال: أي الاهتمام والاتباع ). 
        أول من احتفل، بالشكل البدعي، بمولد النبي عايه الصلاة والسلام رجل يهودي ادعى الإسلام، هكذا وقع في التاريخ، رجل يهودي ادعى الإسلام ودخل في مذهب الخوارج وأسس الدولة الخارجية بالمغرب في سجلماسة، هذا معروف في التاريخ، ثم بعد ذلك إذ فشلت حركته في المغرب انتقل ذلك التيارالمنحرف إلى تونس ثم إلى المشرق في شكل ما سمي في التاريخ بدولة العُبيدييين، أو يسمون أنفسهم بالفاطمييين، ونسبهم إلى فاطمة بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام لايثبت لأن زعيم هذه الحركة يهودي أصلا، وبدل وغير في دين الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد وقع هذا في كثير من الأمور في عقائد المسلمين وفي سنن النبي عليه الصلاة والسلام مما وضعه الزنادقة واليهود الذين ادعوا الإسلام، والمجوس عباد النار الذين تمظهروا بالإسلام ليخربوا دين الله وسنة رسوله من الداخل، وسموا في التاريخ وفي كتب الفقهاء بالزنادقة. 

      الزندقة والزنادقة مصطلح لغوي فارسي وليس عربيا، ومعناه: قوم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر وليسوا هم المنافقين، فرق بين الزنديق والمنافق.. النفاق ظاهرة اجتماعية كانت في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام مرجعها أن أقواما من الناس ـ ومن أهل يثرب خاصة ـ ما أيقنوا وما اعتقدوا دين الله عز وجل فدخلوا فيه خوفا وحفظا على مصالحهم ورياء، وذلك هو النفاق، فالمنافق شخص أسلم ليحفظ ماله وجاهه ودمه حتى لايؤذى لا أقل ولا أكثر، فالمنافق إذن شخص جبان دخل إلى الدين حفظا على مصالحه، أما الزنديق فلا، فهو رجل جريء وشجاع في الباطل ، ليس جبانا.. حينما أسلمت فارس بعد معركة القادسية أتيح لهم أن يبقوا ـ باجتهاد الفقهاء ـ تحت معنى أهل الذمة يعطوا جزية ـ ضريبة ـ للدولة الإسلامية  وتحفظ مالهم ودماءهم وتدافع عنهم كمواطنين يشاركون المسلمين في المواطنة وإن خالفوهم في العقيدة، فإذن أمنهم كان مضمونا  وهم على شركهم ودينهم المنحرف ولكن مع ذلك أسلم بعضهم قصدا في إذاية المسلمين، هذه جرأة وليس خوفا، ففرق كبير بين الزنديق وبين المنافق، وقصد الزنديق أن يبث أفكارا لا علاقة لها بالإسلام  في الدين، ولذلك وضعوا الأحاديث  وكذبوها على رسول الله  عليه الصلاة والسلام، وحرفوا آلاف النصوص وضعوها، وانبرى لذلك نقاد من العلماء ينقدون الروايات والأحايث، جهابذة ينخلونها نخلا ويغربلونها غربلة حتى صفوا الحديث الصحيح من الضعيف، من السقيم إلى غير ذلك من المراتب المعروفة المشهورة عند أهل الجديث فكانت الأقسام الثلاثة المشهورة: الحديث الصحيح والحسن والضعيف، ثم أقسام الضعيف بعد ذلك من الموضوع المكذوب على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهم من حيث أرادوا أن يؤذوا الإسلام نفعوه.كيف نفعوه؟ أي أنهم أيقظوا همم المسلمين لإنشاء حركات علمية لنقد الحديث ولحفظ السنة وللدفاع على عقيدة الإسلام والمسلمين، فالحركة العبيدية هي نوع من الزندقة وليست من النفاق، حركة أدت دورها في تخريب ماخربت من عقائد المسلمين وعاداتهم، فما كانوا يحتفلون بما يسمونه بعيد المولد إلا بالرقصات وبالأشياء الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومعلوم أن أبشع البدع هي البدع الحقيقية، والإمام الشاطبي رحمه الله في كتاب "الاعتصام" فرق وميز بين نوعين من البدعة، بدعة حقيقية وبدعة إضافية، ليس بمعنى بدعة حسنة وبدعة سيئة، لا.. لا تكون البدعة إلا سيئة ، هذا لا علاقة له بذاك ، بعض الناس لا يفهمون معنى البدعة الحقيقية والإضافية يحسبون أنه يوجد الحسنة والسيئة.. 
       تقسيم مراتب البدع على حسب الوزر والذنب، وعلى قدر المخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، تماما كما قسم العلماء، بناء على فهمهم للكتاب والسنة الذنوب، إلى كبائر وإلى صغائر، فهذا هو المقصود بالبدع الحقيقية والبدع الإضافية، ومن الأخطاء التي تقع لدى أهل التدين اليوم أنهم ينشئون ويوقدون معركة كبرى من أجل بدعة إضافية ، يعني جزئية، وينسون بدعة من البدع الحققيقة الكبرى، يتركونها هكذا ولاينشئون حولها معركة، والأولى في نقد العلم ونقد التدين وتصحيح المفاهيم أن يبتدأ بالأولى فالأولى بنقد أمهات الرذائل وعظائم الكبائر، ثم بعد ذلك يلتفت إلى ما دونها من الصغائر، وهذا منهج القرآن ومنهج رسول الله عليه الصلاة والسلام مبلغ القرآن. الأمر الذي أحدثوه، قلت ـ يعني هؤلاء العبيديون ،أحدثوا بدعا حقيقية.
  ما لبدعة الحقيقية؟ وما البدعة الإضافية؟
       البدعة الإضافية ـ أولا نعرف هذه الصغيرة لأن بها نعرف الكبيرة ـ يرجع وجه الإبتداع فيها إلى كيفية التطبيق لا إلى الأصل، يمكن أن يكون أصل الفعل موجودا في الكتاب وموجودا في السنة لكن طريقة تطبيقه منحرفة، فيسمى بدعة إضافية، ومثال ذلك في دين الناس اليوم كثير. كثيرة هي البدع الإضافية، يعني أشياء كثيرة من الأذكار ، وأشياء كثيرة من التراتيل، وأشياء كثيرة من الشعائر ، أصلها ـ نعم ـ محمود في الأصل ولكن طريقة التطبيق منحرفة، لم يكن النبي  صلى الله عليه وسلم يطبقها هكذا، فالوزر فيها أقل والخطب فيها أقل، وإنما الخطب الكبير في البدع الحقيقية، يعني كمن يعبد الله بضرب رأسه ، ما أنزل الله بها من سلطان، لا إشارة لها لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكن قد تجد أحدهم يصلي صلاة فيها نوع من الغرابة، فيها نوع من المخالفة، هو يصلي ولكن يصلي مثلا بأشكال ليست في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، يصلي نوافل غريبة، مثلا كما يوجد في كتب الأحاديث الضعيفة أنك إذا صليت ركعتين وقرأت في الركعة الأولى خمسين مرة سورة الإخلاص ثم تركع وترفع ... أشياء لا وجود لها وليس لها أثر في الكتاب ولا في السنة ، هذه أصلها سنة لأنه يؤدي نافلة، والنافلة مطلوبة سواء كانت قيام ليل أو راتبة من الرواتب، ولكن الشكل الذي يؤدي به هذه السنة في الأصل منحرف، فالإنحراف هو في كيفية التطبيق لا في الأصل، أما أن يشرب أحدهم الماء المغلي ويدعي أنه يعبد الله فهذا شيطان ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك ولا أقل، شيطان أو أنه يقوم بأعمال سحرية ويزعم أنه يعبد الله بهذا، هذا إبليس تشكل في صورة من الصور ، هذه بدعة حقيقية ما أنزل الله بها من سلطان.
        المشكلة أننا حولنا محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام من سنة ـ لا أقول إلى بدعة إضافية ـ بل إلى بدع حقيقية، الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة في هذا ترشدنا إلى العدل، إلى الوسط. صحيح أن بعض الناس ـ جهلا منهم، ولا يقوم بهذا إلا جهلة المتدينين وعامتهم ـ جردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل إجلال، ومن كل تقدير، ومن كل تعظيم، ظنا منهم أنهم بذلك يوحدون الله عز وجل، هذا أيضا غلو، وسأبين وأعطي المثال حتى لايفهم كلامي خطأ.
       بعضهم ـ قلت ـ جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من معاني الرسالة الحقيقية ومن كونه نبيا مقتدى به، رجلا دعا إلى الله على منهج الله رباني الخلق، قرآني السلوك (كان خلقه القرآن)، يفيض بالنور وبالجمال على امتداد التاريخ، بعض الناس جففوا لنا السيرة، وجففوا لنا السنة حتى صارت تقرأ كأنها الخشب، فشبهوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بساعي البريد، يأتيك بالرسالة ثم أنت وشأنك معها، لا.. أبدا ! ما هكذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل جاء بالرسالة ثم ربى الناس عليها، هذا الذي ينقص بعض الناس، ينسون التربية، وينسون التحلية، وينسون الأخلاق التي صاحبت السنة النبوية، وأخذوا بتعاريف للسنة ليست من شأن العامة، بل هي من شأن العلماء فقط، وسأبين ذلك بدليله بحول الله عز وجل، فهناك غلو في الاحتفال برسول الله عليه الصلاة والسلام وبمحبته ، وهناك غلو في تجريده من كل ماحلاه الله به من الخلق ومن الجمال، أليس الله عز وجل الذي قال: "وإنك لعلى خلق عظيم"، ولذلك ورد حديثان هما ميزان المسألة في حب رسول الله وآله عليه الصلاة والسلام. أما الحديث الأول فقوله عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)، وله صيغة أخرى : (أنا سيد الناس يوم القيامة) عليه الصلاة والسلام، والحديث صحيح متفق عليه بين البخاري ومسلم، سيادة لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وقد صح بالسند الثابت الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (الفقهاء قادة والمتقون سادة، ومجالستهم زيادة).
    (الفقهاء قادة) يقودون الناس بالعلم، (والمتقون) الصالحون، العارفون بالله على منهج الله سادة، فالسيادة منطوق صحيح السنة النبوية لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك للصالحين من الأمة بعمل صحابته وهم أقعد بفهم كتاب الله وأجدر باتباع سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيجب أن يتجنب الإنسان الغلو في تجريد رسول الله عليه الصلاة والسلام مما حلاه به الله من الجمال والكمال، وبعض الناس ينكر أن يكون الإنسان كاملا، لا.. ممكن، وقد ثبت في الحديث الصحيح (ما كمل من النساء إلا ثلاثة)، وفي رواية أربعة وذكر  عليه الصلاة والسلام  آسية زوجة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد عليهم الصلاة والسلام وعلى رسول الله أفضل الصلاة والسلام، فإذا كمل النساء في دين الله، أو بعضهن فمن باب أولى وأحرى أن يكمل الرجال، فكمال الدين في الرجل ـ وفي الإنسان المسلم  عموما كان رجلا أو امرأة ـ ثابث بكتاب الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا داعي لأن يستعجل الإنسان للنطق بأحكام غليظة أكثر من طاقته، أترك ذلك لأهل العلم ولأهل التبصرة والتبصر!  فأنا وأنت لسنا سوى طلبة علم نتبع ما قال العلماء المقتدى بهم ممن هم أهل الثقة والعدالة، فإذن ثبتت الأحاديث في تمجيد شخص رسول الله بل الآيات: "وإنك لعلى خلق عظيم" وغيرها من الآيات، وكفى بها شهادة من الله سبحانه أن قال:  "محمد رسول الله " صلى الله عليه وسلم، وسماه باسمه تجميلا وتكميلا وتحبيبا ، لأنك إذا أحببت الشخص ناديته باسمه الخاص ـ الشخص فلان ـ "محمد رسول الله"  عليه الصلاة والسلام ، لكن حتى لا يكون المؤمن زائغا عن المنهج النبوي الصحيح السليم لاينبغي أن يفرط في ذلك الحب بدافع شيطاني قد لا يدري له مدخلا، لأن الشيطان قد يدخل على العالم من جهة العلم وقد يدخل على العابد من جهة العبادة فيضله عن سبيل الله، ولذلك كتب ابن الجوزي رحمه الله كتابا نفيسا تشد إليه الرحال (في نقد العلم والعلماء) في عنوان، وفي عنوان آخر في إحدى طبعاته ( تلبيس إبليس) لبس على العلماء، ولبس على العباد، فبدل أن يتجهوا إلى الله على منهج الله طلبا لرضى الله، إنزاح بهم الشيطان وأزاحهم عن المنهج إلى طلب العبادة ولكن في نهاية المطاف وصلوا إلى عبادة الشيطان لا إلى عبادة الله الواحد القهار، ولذلك نبه النبي  عليه الصلاة والسلام على هذا وحذر وقال في الحديث الصحيح الثابت الذي رواه البخاري في صحيحه: (لا تطروني  كما أطرت النصارى ابن مريم) يعني المسيح عيسى عليه السلام، (فإنما أنا عبد)، عجيب كلام النبي عليه الصلاة والسلام  (فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)، الإطراء يعني المبالغة إلى حد غير معقول في مدح شخص ما، حينما تصفه بصفات الألوهية وتجعل له ما لم يجعله الله لأحد من العالمين وإنما هو من خصوصيات الألوهية والربوبية والكبرياء، لا ينبغي أن تجعل مثل هذا لرسول الله عليه الصلاة والسلام  ولذلك قال العلماء : إن ياء النداء  التي تدل على الاستغاثة لا يجوز أن تطلق إلا في سياق طلب رب الكون.  يا .. يا رب الكون.. لأن الإنسان إذ ينادي يا..معناه أنه يريد الغوث ، يريد الإستنجاد، يريد التعبد والطاعة والخضوع، وهذا أمر خاص بالله ذي الجلال وذي الجمال، فما ينبغي أن يخاطب أحد من العالمين بشرا كان أو حجرا أو شجرا ب: يا.. إذا كان المقصود بها يا.. الاستغاثة، أما النداء، فالنداء معلوم أنه كلام البشر فيما بين البشر. فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم )، حينما أطرت النصارى ابن مريم قالوا آنئذ هو ابن الله، ماكفاهم بعد ذلك أن يقولوا إنه رسول الله وإنه كلمته ألقاها إلى مريم ابنة عمران وأنه .. وأنه .. مما نص عليه الله عز وجل  في الكتاب وبينه رسول الله عليه الصلاة والسلام في السنة ولكن أرادوا أن يرتفعوا به إلى غير صف البشرية النبوية فجعلوه إلها من حيث يدرون أو لا يدرون وكان ذلك سبب كفرهم وضلالهم " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة".
     من أين أوتوا؟
     أوتوا من باب المحبة الغالية.
       المحبة نوعان: محبة خضوع وتعبد، فهذ الأمر لا ينبغي أن يكون إلا لله.. لا ينبغي أن يكون إلا لله، ثم محبة اتباع  ومحبة اقتداء فهذا يكون لشخص رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم ـ للترتيب ـ بعد ذلك للعلماء والصالحين القادة والسادة، ولا غلو في هذا، هذا وسط.
      أما تجريد الناس من المحبة فمعناه تخشيب الدين وتشنيع سنة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، المحبة شيء مطلوب ولكن بالميزان، محبة العبادة عبادة "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم".
      محبة الله هي في اتباع رسول الله  عليه الصلاة والسلام،  واتباع رسول الله محبة له، أي لخلقه ولجمال صفاته ولكمال سلوكه عليه الصلاة والسلام  في رسم مسلك السير في آيات القرآن الكريم.                                                             القرآن بحر لا ساحل له، بحر لأنه كلام الله عز وجل وتحتاج لسلوكه والدخول فيه إلى دليل حتى لا تتوه وتضل، تحتاج إلى دليل يكون أمامك تسير بخطوه، و تقتدي بنوره، وتتجمل بجماله، ذلك هو المحبوب بصدق وبحق رسول الله عليه الصلاة والسلام، سيدنا، وحبيبنا وقائدنا، نقولها بإذن الله مطبقين للسنة بعدل وبوسط وبجمال أيضا، فإذن هذان الحديثان كفتان متوازيتان، الأول قال: (أنا سيد ولد آدم ) وفي رواية (أنا سيد الناس ) يعني أحسن من سيدنا آدم عليه السلام، لأن: (أنا سيد ولد آدم )  يقصد بها من جاء بعد آدم عليه السلام، أما: (أنا سيد الناس ) فيدخل في ذلك آدم عليه السلام وعلى الأنبياء جميعا الصلاة والسلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، فهو سيد الناس يوم القيامة. البعض لايفهم  هذا الأمر كما ينبغي عندما تقول له: هو سيد الناس، يجيبك : هو سيد الناس يوم القيامة وليس في الدنيا، وهذا فهم مقلوب، ألا تسمع بقياس الأولى والأحرى ودلالة التنبيه بالأدنى على الأعلى، وبالأعلى على الأدنى أيضا، إذا كان هو عليه الصلاة والسلام سيد الناس يوم القيامة وما أدراك ما يوم القيامة ، من باب أولى وأحرى أن يكون سيد الناس في الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة، القيامة وما أدراك ما يوم القيامة "يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد".
        يوم القيامة المفزع الرهيب يكون فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام سيد الناس، فما يكون في الدنيا إذن؟ طبعا سيد الناس من باب أولى وأحرى، فسيادة رسول الله عليه الصلاة والسلام ثابتة له في الدنيا وفي الآخرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولكن نقف مع حدود الأدب مع رسول الله وقبل ذلك مع رب رسول الله وربنا ورب الناس أجمعين ، فلا نرفعه إلى ما لم يجعله الله له من الألوهية والربوبية، وإنما نال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانته وسيادته بكونه أعبد العابدين لله، يعني أكثر الناس خضوعا لله الواحد القهار ، بتذلـله لله وبتواضعه الذي لا يبلغه أحد من الناس، هو أكثر الناس تواضعا لله (أما وإني أتقاكم لله، وأخشاكم له، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فليس أحد يستطيع أن يزعم أنه بلغ مبلغه عليه الصلاة والسلام في عبادة الله والخضوع له عز وجل، فحينما خضع ارتفع.
       وجاء في الحديث الصحيح أن ملكا من الملائكة أذن الله له في أن ينزل إلى محمد عليه الصلاة والسلام ويخيره قال له: (يا محمد  ـ عليه الصلاة والسلام ـ  إن ربك يخيرك بين أن تكون ملِكا رسولا أو تكون عبدا رسولا)، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام  إلى جبريل ـ ولم يكن جبريل هو من سأل بل كان مصاحبا للملك الآخر و ومعضدا لرسول الله عليه الصلاة والسلام  يلهمه الصواب، فنظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى جبريل عليه السلام كأنما يستشيره، جبريل غير مأذون له في الكلام لأنه ليس هو من أرسل ليخير النبي عليه الصلاة والسلام، فنظر جبريل إلى الأرض، قال راوي الحديث : (أن تواضع لربك)، يعني سيدنا جبريل عليه السلام نظر إلى الأرض يشير إلى النبي عليه الصلاة والسلام  أن تواضع لله، اختر الأكثر تواضعا (ملك رسول أو عبد رسول)، ففهم النبي عليه الصلاة والسلام  وهو الذي قال : (المؤمن كيس فطن)، و سيد الفطناء والأكايسة إنما هو رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، فهم الإشارة وقال : (أختار أن أكون عبدا رسولا)، قال عليه الصلاة والسلام : (فلم أزل بعد ذلك أجلس جلسة العبد وآكل كما يأكل العبد) عليه الصلاة والسلام، هذا الذي رفع رسول الله وجعله سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة .
من هاهنا إذن ينبغي لنا أن نبحث لنا عن مسلك عملي تطبيقي لنكون محتفلين برسول الله، ليس في يوم ميلاده كما فعل المبتدعة ولكن كل يوم. احتالوا علينا حتى لا نتذكر سيدنا رسول الله إلا مرة في العام، المسلم يعيش مع سنة رسول الله الليل والنهار لأنه يعبد الله ولا مسلك له إلى الله إلا عبر نور رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ونوره سنته وحكمته وخلقه.
تفريغ لجزء من محاضرة للدكتور فريد الأنصاري

الفيديو رقم 01

الفيديو رقم 02

الفيديو رقم 03

فيديو رقم 04

1 commentaires:

الموقع حقيقي تحفه لك مني اجمل تحيه

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More